كتاب: تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير القرآن الكريم



فصل:
المرتبة الثالثة: إرسال الرسول الملكي إلى الرسول البشري. فيوحي إليه عن اللّه ما أمره أن يوصله إليه.
فهذه المراتب الثلاث خاصة بالأنبياء، لا تكون لغيرهم، ثم هذا الرسول الملكي قد يتمثل للرسول البشري رجلا، يراه عيانا ويخاطبه، وقد يراه على صورته التي خلق عليها، وقد يدخل فيه الملك، ويوحي إليه ما يوحيه، ثم يفصم عنه، أي يقلع. والثلاثة حصلت لنبينا صلّى اللّه عليه وسلّم.
فصل:
المرتبة الرابعة: مرتبة التحديث. وهذه دون مرتبة الوحي الخاص، وتكون دون مرتبة الصديقين، كما كانت لعمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، كما قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنه كان في الأمم قبلكم محدّثون، فإن يكن في هذه الأمة فعمر بن الخطاب».
وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية رحمه اللّه يقول: جزم بأنهم كائنون في الأمم قبلنا، وعلق وجودهم في هذه الأمة بإن الشرطية، مع أنها أفضل الأمم لاحتياج الأمم قبلنا إليهم، واستغناء هذه الأمة عنهم بكمال نبيها ورسالته، فلم يحوج اللّه الأمة بعده إلى محدث ولا ملهم، ولا صاحب كشف ولا منام فهذا التعليق لكمال الأمة واستغنائها لا لنقصها.
والمحدّث هو الذي يحدّث في سره وقلبه بالشيء، فيكون كما يحدث به.
قال شيخنا: والصديق أكمل من المحدث. لأنه استغنى بكمال صديقيته ومتابعته عن التحديث والإلهام والكشف، فإنه قد سلم قلبه كله وسره وظاهره وباطنه للرسول فاستغنى به عما منه.
قال: وكان هذا المحدث يعرض ما يحدث به على ما جاء به الرسول.
فإن وافقه قبله، وإلا رده، فعلم أن مرتبة الصديقية فوق مرتبة التحديث.
قال: وأما ما يقوله كثير من أصحاب الخيالات والجهالات: حدثني قلبي عن ربي: فصحيح أن قلبه حدثه، ولكن عن من؟ عن شيطانه، أو عن ربه؟ فإذا قال: حدثني قلبي عن ربي كان مسندا الحديث إلى من لم يعلم أنه حدثه به، وذلك كذب، قال: ومحدث الأمة لم يكن يقول ذلك، ولا تفوّه به يوما من الدهر، وقد أعاذه اللّه من أن يقول ذلك. بل كتب كاتبه يوما هذا ما أرى اللّه أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب. فقال: لا. امحه واكتب: هذا ما رأى عمر بن الخطاب. فإن كان صوابا فمن اللّه، وإن كان خطأ فمن عمر، واللّه ورسوله منه بريء وقال في الكلالة أقول فيها برأيي فإن يكن صوابا فمن اللّه. وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان فهذا قول المحدث بشهادة الرسول وأنت ترى الاتحادي والحلولي والإباحي الشطاح، والسماعي: مجاهر بالقحة والفرية. يقول: حدثني قلبي عن ربي، فانظر إلى ما بين القائلين والمرتبتين والقولين والحالين. وأعط كل ذي حق حقه، ولا تجعل الزغل والخالص شيئا واحدا.
فصل:
المرتبة الخامسة: مرتبة الإفهام.
قال اللّه تعالى: {وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْمًا} [21: 78، 79] فذكر هذين النبيين الكريمين: فأثنى عليهما بالعلم والحكم. وخص سليمان بالفهم في هذه الواقعة المعينة، وقال علي بن أبي طالب، وقد سئل: هل خصكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بشيء دون الناس؟ فقال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النّسمة، إلا فهما يؤتيه اللّه عبدا في كتابه، وما في هذه الصحيفة. وكان فيها العقل، وهو الديات وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر.
وفي كتاب عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري رضي اللّه عنهما: والفهم فيما أدلى إليك فالفهم نعمة من اللّه على عبده، ونور يقذفه اللّه في قلبه.
يعرف به، ويدرك ما لا يدركه غيره ولا يعرفه، فيفهم من النص ما لا يفهمه غيره، مع استوائهما في حفظه. وفهم أصل معناه.
فالفهم عن اللّه ورسوله عنوان الصديقية، ومنشور الولاية النبوية، وفيه تفاوتت مراتب العلماء، حتى عدّ ألف بواحد، فانظر إلى فهم ابن عباس وقد سأله عمر: ومن حضر من أهل بدر وغيرهم عن سورة {إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} وما خص به ابن عباس من فهمه منها: أنها نعي اللّه سبحانه نبيه إلى نفسه، وإعلامه بحضور أجله، وموافقة عمر له على ذلك، وخفائه عن غيرهما من الصحابة وابن عباس إذ ذاك أحدثهم سنا، وأين تجد هذه السورة الإعلام بأجله، لولا الفهم الخاص؟ ويدق هذا حتى يصل إلى مراتب تتقاصر عنها أفهام أكثر الناس، فيحتاج مع النص إلى غيره. ولا يقع الاستغناء بالنصوص في حقه، وأما في حق صاحب الفهم فلا يحتاج مع النصوص إلى غيرها.
فصل:
المرتبة السادسة: مرتبة البيان العام. وهو تبيين الحق وتمييزه من الباطل بأدلته وشواهده وأعلامه. بحيث يصير مشهودا للقلب، كشهود العين للمرئيات وهذه المرتبة هي حجة اللّه على خلقه، التي لا يعذب أحدا ولا يضله، إلا بعد وصوله إليها.
قال اللّه تعالى: {وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ} [9: 115] فهذا الإضلال عقوبة منه لهم، حين بين لهم فلم يقبلوا ما بينه لهم ولم يعملوا. فعاقبهم بأن أضلهم عن الهدى، وما أضل اللّه سبحانه أحدا قط إلا من بعد هذا البيان.
وإذا عرفت هذا عرفت سر القدر، وزالت عنك شكوك كثيرة وشبهات في هذا الباب وعلمت حكمة اللّه في إضلاله من يضله من عباده، والقرآن يصرح بهذا في غير موضع، كقوله: {فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [61: 5] {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ} [4: 155] فالأول: كفر عناد، والثاني: كفر طبع، وقوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [6: 110] فعاقبهم على ترك الإيمان به حين تيقنوه وتحققوه. بأن قلّب أفئدتهم وأبصارهم فلم يهتدوا به.
فتأمل هذا الموضع حق التأمل فإنه موضع عظيم.
قال تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى} [41: 17] فهذا هدى بعد البيان والدلالة وهو شرط لا موجب. فإنه إن لم يقترن به هدى آخر بعده، لم يحصل به كمال الاهتداء وهو هدى التوفيق والإلهام وهذا البيان نوعان: بيان بالآيات المسموعة المتلوة، وبيان بالآيات المشهودة المرئية. وكلاهما أدلة وآيات على توحيد اللّه وأسمائه وصفاته وكماله، وصدق ما أخبرت به عنه، ولهذا يدعو عباده بآياته المتلوة إلى التفكر في آياته المشهودة عليهم، ويحضهم على التفكر في هذه وهذه.
وهذا البيان هو الذي بعثت به الرسل وجعل إليهم وإلى العلماء بعدهم، وبعد ذلك يضل اللّه من يشاء.
قال اللّه تعالى: {وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [14: 4] فالرسل تبين واللّه هو الذي يضل من يشاء ويهدي من يشاء بعزته وحكمته.
فصل:
المرتبة السابعة: البيان الخاص، وهو البيان المستلزم للهداية الخاصة، وهو بيان تقارنه العناية والتوفيق والاجتباء، وقطع أسباب الخذلان وموادها عن القلب فلا تتخلف عنه الهداية البتة.
قال تعالى في هذه المرتبة: {إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} [16: 37] وقال: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ} [28: 56] فالبيان الأول شرط. وهذا موجب.
فصل:
المرتبة الثامنة: مرتبة الإسماع.
قال اللّه تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [8: 23] قال تعالى: {وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} [35: 22] وهذا الإسماع أخص من إسماع الحجة والتبليغ فإن ذلك حاصل لهم، وبه قامت الحجة عليهم، لكن ذاك إسماع الآذان، وهذا إسماع القلوب. فإن الكلام له لفظ ومعنى، وله نسبة إلى الأذن والقلب وتعلق بهما. فسماع لفظه حظ الأذن، وسماع حقيقة معناه ومقصوده حظ القلب. فإنه سبحانه نفى عن الكفار سماع المقصود والمراد الذي هو حظ القلب. وأثبت لهم سماع الألفاظ الذي هو حظ الأذن في قوله: {ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} [21: 2: 3] وهذا السماع لا يفيد السامع إلا قيام الحجة عليه، أو تمكنه منها، وأما مقصود السماع وثمرته، والمطلوب منه: فلا يحصل مع لهو القلب وغفلته وإعراضه، بل يخرج السامع قائلا للحاضر معه: {ماذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ} [47: 16].
والفرق بين هذه المرتبة ومرتبة الإفهام: أن هذه المرتبة إنما تحصل بواسطة الأذن. ومرتبة الإفهام أعم، فهي أخص من مرتبة الفهم من هذا الوجه، ومرتبة الفهم أخص من وجه آخر، وهي أنها تتعلق بالمعنى المراد ولوازمه متعلقاته وإشاراته، ومرتبة السماع مدارها على إيصال المقصود بالخطاب إلى القلب. ويترتب على هذا السماع سماع القبول.
فهو إذن ثلاث مراتب: سماع الأذن، وسماع القلب، وسماع القبول والإجابة.
فصل:
المرتبة التاسعة: مرتبة الإلهام.
قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها} [91: 7، 8] وقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لحصين بن الخزاعي لمّا أسلم: «قل: اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي».
وقد جعل صاحب المنازل والإلهام هو مقام المحدثين. قال: وهو فوق مقام الفراسة لأن الفراسة ربما وقعت نادرة. واستصعبت على صاحبها وقتا أو استعصت عليه، والإلهام لا يكون إلا في مقام عتيد.
قلت: التحديث أخص من الإلهام: فإن الإلهام عام للمؤمنين بحسب إيمانهم فكل مؤمن فقد ألهمه اللّه رشده الذي حصل له به الإيمان، فأما التحديث: فالنبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال فيه: «إن يكن في هذه الأمة أحد فعمر».
يعني من المحدثين. فالتحديث إلهام خاص. وهو الوحي إلى غير الأنبياء إما من المكلفين، كقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ} [28: 7] وقوله: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي} [5: 111] وإما من غير المكلفين كقوله تعالى: {وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} [16: 69] فهذا كله وحي إلهام.
وأما جعله فوق مقام الفراسة فقد احتج عليه بأن الفراسة: ربما وقعت نادرة كما تقدم. والنادر لا حكم له وربما استعصت على صاحبها واستصعبت عليه فلم تطاوعه، والإلهام لا يكون إلا في مقام عتيد، يعني في مقام القرب والحضور.
والتحقيق في هذا: أن كل واحد من الفراسة والإلهام ينقسم إلى عام وخاص كل واحد منهما فوق عام الآخر، وعام كل واحد قد يقع كثيرا، وخاصة قد يقع نادرا، ولكن الفرق الصحيح: أن الفراسة قد تتعلق بنوع كسب وتحصيل، وأما الإلهام فموهبة مجردة، لا تنال بكسب البتة.
ثم ذكر فصولا أربعة تكلم فيها عن درجات الإلهام الثلاثة. ثم قال:
فصل:
المرتبة العاشرة: من مراتب الهداية. الرؤيا الصادقة: وهي من أجزاء النبوة كما ثبت عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال: «الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة».
وقد قيل في سبب هذا سبب التخصيص المذكور: إن أول أول مبتدأ الوحي كان هو الرؤيا الصادقة، وذلك نصف سنة. ثم انتقل إلى وحي اليقظة مدة ثلاث وعشرين سنة، من حين بعث إلى أن توفي صلوات اللّه وسلامه عليه، فنسبة مدة الوحي في المنام من ذلك جزء من ستة وأربعين جزءا.
وهذا حسن لولا ما جاء في الرواية الأخرى الصحيحة: «أنها جزء من سبعين جزءا».
ثم ذكر كلاما في الرؤيا، ثم قال:
فصل في بيان اشتمال الفاتحة على الشفاءين:
شفاء القلوب، وشفاء الأبدان فأما اشتمالها على شفاء القلوب: فإنها اشتملت عليه أتم اشتمال. فإن مدار اعتلال القلوب وأسقامها على أصلين: فساد العلم. وفساد القصد.
ويترتب عليها داءان قاتلان، وهما الضلال والغضب، فالضلال نتيجة فساد العلم، والغضب ينتجه فساد القصد، وهذان المرضان هما ملاك أمراض القلوب جميعها، فهداية الصراط المستقيم: تتضمن الشفاء من مرض الضلال، ولذلك كان سؤال هذه الهداية: أفرض دعاء على كل عبد، وأوجبه عليه كل يوم وليلة. في كل صلاة، لشدة ضرورته وفاقته إلى الهداية المطلوبة، ولا يقوم غير هذا السؤال مقامه.
والتحقق ب {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} علما ومعرفة وعملا وحالا:
يتضمن الشفاء من مرض فساد القلب والقصد، فإن فساد القصد يتعلق بالغايات والوسائل. فمن طلب غاية منقطعة مضمحلة فانية، وتوسل إليها بأنواع الوسائل الموصلة إليها كان كلا نوعي قصده فاسدا، وهذا شأن كل من كان غاية مطلوبة غير اللّه وعبوديته، من المشركين ومتبعي الشهوات، الذين لا غاية لهم وراءها، وأصحاب الرياسات المتبعين لإقامة رئاستهم بأي طريق كان من حق أو باطل. فإذا جاء الحق معارضا في طريق رئاستهم طحنوه وداسوه بأرجلهم. فإن عجزوا عن ذلك دفعوه دفع الصائل. فإن عجزوا عن ذلك حبسوه في الطريق، وحادوا عنه إلى طريق أخرى، وهم مستعدون لدفعه بحسب الإمكان، فإذا لم يجدوا منه بدا أعطوه السكة والخطبة وعزلوه عن التصرف والحكم والتنفيذ، وإن جاء الحق ناصرا لهم وكان لهم صالوا وجالوا، وأتوا إليه مذعنين، لا لأنه حق، بل لموافقته غرضهم وأهواءهم وانتصارهم به: {وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [24: 48: 49: 50].